لسنا ملائكة
"شيرين، شيرين، اصحي بئى كل دا نوم". سمعت صوتا ينادي اسمها وكأنه من عالم آخر. فتحت عينيها بصعوبة ونظرت حولها وهي تحاول جاهدة تذكر أين هي. نظرت الى الرجل الواقف أمامها وتذكرت الدكتور ايهاب، "يالا قومي الممرضة هتيجي تساعدك تجهزي نفسك". خرج ودخلت ممرضة شابة بدت لها كانسان آلي فهي لم تبتسم حتى. ساعدتها بتجهيز نفسها دون أن تقول شيئا وجلست بعدها تنتظر الطبيب الذي عاد بعد ذلك ومعه كيسا صغيرا فيه بعض الأدوية وأصابع شيكولاتة مختلفة كانت تحبها وكأنه كان يعرف ماذا تفضل. أوصلها بسيارته الى الفندق الذي كانت تقيم فيه وفي الطريق شكرته على كل شيء وخصوصا الشيكولاته. ابتسم وهو يوصيها بتناول الدواء حال أن تأكل " تماما كما في المسلسلات العربية" وأخبرها بأنه سيتصل بها للأطمئنان عليها لاحقا.
نزلت وبقي هو واقفا الى أن دخلت ردهة "الأوتيل". تمددت على السرير وشعرت بنفسها تغفو بهدوء بعد أسابيع من الأرق قضتها في البكاء. استيقظت وهي تشعر بسعادة وراحة ومشاعر أخرى متناقضة. طلبت شيئا تأكله ثم أخذت الدواء بناء على تعليمات الطبيب. جلست على شرفة حجرتها المطلة على البحر وأخذت تفكر في كل ما حصل معها. تذكرت لقاءها بأمجد للمرة الأولى وكيف أحست يومها فقد استطاع امتلاك قلبها من النظرة الأولى. مرت شهور على مكالماتهما ولقاءتهما قبل أن تأخذها لحظات شوقها اليه في طريق لم تفكر في نهايته وهي العاقلة والمعروفة بالذكاء والجدية. طمأنها أمجد بأن كل شيء سيكون على ما يرام وطلب منها أن لا تقلق فهي معه وهو يحبها ولن يتخلى عنها ولكنه اختفى بعدها وأخذ يتذرع بحجج واهية علمت بعدها أنها وقعت بين يدي الشيطان.
لاحظت صديقتها اضطرابها وذهولها معظم الوقت وعلمت منها بعد ذلك بكل ما حصل بينها وبين أمجد. كادت شيرين تنهار عندما علمت من الطبيبة بأنها في بداية حملها، بكت وشاركتها صديقتها البكاء. أصابها ما يشابه الانهيار ولم تدر ماذا تفعل وهي التي تعيش وتعمل في بلد غريب وليس لها أحد سوى تلك الصديقة التي كانت تعتبرها توأم روحها. أخذت صديقتها تبحث عن أسماء أطباء في البلد لمساعدة شيرين ولكن الجميع رفض القيام بعملية يمنعها القانون. لم تجد بدا من السفر الى دولة أخرى حيث وجدت طبيبا وافق على اجراء العملية. طلب منها الحضور بأسرع وقت ممكن لأنه لن يقوم بذلك الا اذا كان الأمر في الأسابيع الأولى، وكانت هناك بعد يومين. خرجت من تأملاتها على صوت تلفونها. جاءها صوت الطبيب رقيقا، ازيك دلوقت؟ الحمد لله أحسن. مسافرة بكرة؟ ابقى خدي بالك من نفسك. لم يسألها أبداعن ظروف حملها ولكنه أخبرها بأنها كانت تتمتم باسم أحدهم طوال الوقت تحت تأثير المخدر. خجلت من كلامه ولم تسأله عن الاسم واستغربت أن تكرر اسم انسان كرهته وفقدت كل احترامها له. ربما كان حقدها عليه هو الذي جعلها تفكر فيه في ذلك الوقت.
استيقظت في اليوم التالي مبكرا للذهاب في رحلة للتعرف على معالم البلد السياحية قبل موعد طيارتها المتأخر. كانت ستطلب تكسي لمرافقتها ولكن الدكتور ايهاب عرض أن يأخذها هو كنوع من الضيافة. استغربت لطفه معها وهو الذي يعلم في داخله بأنها أخطأت كثيرا لتصل الى ما وصلت اليه ولكنه لم يحكم عليها. كان مضيفا كريما فأخذها في جولة سريعة عرفها فيها على أماكن كثيرة ثم دعاها لتناول طعام الغداء في مطعم على البحر. وجدت نفسها تحدثه بكل ما حصل معها وهي تبكي" أعلم بأنني أخطأت ولا أدري كيف وصل بي الأمر لذلك ولكني والله انسانة محترمة". نحن بشر رد عليها. انت فعلت شيئا سيئا ولكنه لا يعني بأنك سيئة.
أحست وكان كرامتها عادت اليها بعدما استمعت الى كلامه. أتعلمين بأن الكثيرين قد يحكمون على موافقتي باجراء تلك العملية بأنها أمر غير أخلاقي وقد يكونوا على صواب ولكني أنظر الى الأمر بشكل مختلف، فأشعر بأنني ربما سترت على احداهن الى أن تجد طريق الخير" لا أدري فأنا لا أستطيع الا أن أساعد الآخرين حتى لو كان ذلك يقع في منطقة شائكة رمادية وأنا أقبل القيام بذلك في حالات معينة وفي البداية فقط". لا أدري ان كان خطأ أم صوابا ما أفعل؟ صمت وأخذ ينظر الى الماء الأزرق أمامه، للحظات قبل أن يعلن بأن موعد طيارتها قد اقترب وبأنه سيأخذها الى المطار. شكرت لطفه وصممت عل أخذ سيارة أجرة ولكنه لم يوافق. صافحته أمام المدخل وشكرته وهي لا تجد الكلمات المناسبة ولكن عينيها باحت بعميق عرفانها. وجدته يتصل مرة أخرى قبل اقلاع الطائرة ليتمنى لها رحلة سعيدة. عادت الى بلدها وهي ممزقة ما بين شعورها بالراحة واحساسها بالذنب وتفكيرها بأنها خيبت أمل أسرتها. كانت تدعو الله كل ليلة ليغفر لها زلتها ودموعها تشهد على صدق توبتها. لم يمر اسبوعا بعد ذلك والا بايهاب يتصل بها ليطمئن عليها، أحست بسعادة وهي تسمع صوته والذي أكد لها أن الدنيا ما زالت بخير. تكررت المكالمات بينهما بعدها الى شبه يومية. والآن وبالرغم من مرور عشر سنوات على زواجهما لم يذكر أمامها قط تلك الحادثة أبدا وكأنها لم تكن، فكيف لا تكون له بعد ذلك الحبيبة والعاشقة الوفية الى الأبد.
"شيرين، شيرين، اصحي بئى كل دا نوم". سمعت صوتا ينادي اسمها وكأنه من عالم آخر. فتحت عينيها بصعوبة ونظرت حولها وهي تحاول جاهدة تذكر أين هي. نظرت الى الرجل الواقف أمامها وتذكرت الدكتور ايهاب، "يالا قومي الممرضة هتيجي تساعدك تجهزي نفسك". خرج ودخلت ممرضة شابة بدت لها كانسان آلي فهي لم تبتسم حتى. ساعدتها بتجهيز نفسها دون أن تقول شيئا وجلست بعدها تنتظر الطبيب الذي عاد بعد ذلك ومعه كيسا صغيرا فيه بعض الأدوية وأصابع شيكولاتة مختلفة كانت تحبها وكأنه كان يعرف ماذا تفضل. أوصلها بسيارته الى الفندق الذي كانت تقيم فيه وفي الطريق شكرته على كل شيء وخصوصا الشيكولاته. ابتسم وهو يوصيها بتناول الدواء حال أن تأكل " تماما كما في المسلسلات العربية" وأخبرها بأنه سيتصل بها للأطمئنان عليها لاحقا.
نزلت وبقي هو واقفا الى أن دخلت ردهة "الأوتيل". تمددت على السرير وشعرت بنفسها تغفو بهدوء بعد أسابيع من الأرق قضتها في البكاء. استيقظت وهي تشعر بسعادة وراحة ومشاعر أخرى متناقضة. طلبت شيئا تأكله ثم أخذت الدواء بناء على تعليمات الطبيب. جلست على شرفة حجرتها المطلة على البحر وأخذت تفكر في كل ما حصل معها. تذكرت لقاءها بأمجد للمرة الأولى وكيف أحست يومها فقد استطاع امتلاك قلبها من النظرة الأولى. مرت شهور على مكالماتهما ولقاءتهما قبل أن تأخذها لحظات شوقها اليه في طريق لم تفكر في نهايته وهي العاقلة والمعروفة بالذكاء والجدية. طمأنها أمجد بأن كل شيء سيكون على ما يرام وطلب منها أن لا تقلق فهي معه وهو يحبها ولن يتخلى عنها ولكنه اختفى بعدها وأخذ يتذرع بحجج واهية علمت بعدها أنها وقعت بين يدي الشيطان.
لاحظت صديقتها اضطرابها وذهولها معظم الوقت وعلمت منها بعد ذلك بكل ما حصل بينها وبين أمجد. كادت شيرين تنهار عندما علمت من الطبيبة بأنها في بداية حملها، بكت وشاركتها صديقتها البكاء. أصابها ما يشابه الانهيار ولم تدر ماذا تفعل وهي التي تعيش وتعمل في بلد غريب وليس لها أحد سوى تلك الصديقة التي كانت تعتبرها توأم روحها. أخذت صديقتها تبحث عن أسماء أطباء في البلد لمساعدة شيرين ولكن الجميع رفض القيام بعملية يمنعها القانون. لم تجد بدا من السفر الى دولة أخرى حيث وجدت طبيبا وافق على اجراء العملية. طلب منها الحضور بأسرع وقت ممكن لأنه لن يقوم بذلك الا اذا كان الأمر في الأسابيع الأولى، وكانت هناك بعد يومين. خرجت من تأملاتها على صوت تلفونها. جاءها صوت الطبيب رقيقا، ازيك دلوقت؟ الحمد لله أحسن. مسافرة بكرة؟ ابقى خدي بالك من نفسك. لم يسألها أبداعن ظروف حملها ولكنه أخبرها بأنها كانت تتمتم باسم أحدهم طوال الوقت تحت تأثير المخدر. خجلت من كلامه ولم تسأله عن الاسم واستغربت أن تكرر اسم انسان كرهته وفقدت كل احترامها له. ربما كان حقدها عليه هو الذي جعلها تفكر فيه في ذلك الوقت.
استيقظت في اليوم التالي مبكرا للذهاب في رحلة للتعرف على معالم البلد السياحية قبل موعد طيارتها المتأخر. كانت ستطلب تكسي لمرافقتها ولكن الدكتور ايهاب عرض أن يأخذها هو كنوع من الضيافة. استغربت لطفه معها وهو الذي يعلم في داخله بأنها أخطأت كثيرا لتصل الى ما وصلت اليه ولكنه لم يحكم عليها. كان مضيفا كريما فأخذها في جولة سريعة عرفها فيها على أماكن كثيرة ثم دعاها لتناول طعام الغداء في مطعم على البحر. وجدت نفسها تحدثه بكل ما حصل معها وهي تبكي" أعلم بأنني أخطأت ولا أدري كيف وصل بي الأمر لذلك ولكني والله انسانة محترمة". نحن بشر رد عليها. انت فعلت شيئا سيئا ولكنه لا يعني بأنك سيئة.
أحست وكان كرامتها عادت اليها بعدما استمعت الى كلامه. أتعلمين بأن الكثيرين قد يحكمون على موافقتي باجراء تلك العملية بأنها أمر غير أخلاقي وقد يكونوا على صواب ولكني أنظر الى الأمر بشكل مختلف، فأشعر بأنني ربما سترت على احداهن الى أن تجد طريق الخير" لا أدري فأنا لا أستطيع الا أن أساعد الآخرين حتى لو كان ذلك يقع في منطقة شائكة رمادية وأنا أقبل القيام بذلك في حالات معينة وفي البداية فقط". لا أدري ان كان خطأ أم صوابا ما أفعل؟ صمت وأخذ ينظر الى الماء الأزرق أمامه، للحظات قبل أن يعلن بأن موعد طيارتها قد اقترب وبأنه سيأخذها الى المطار. شكرت لطفه وصممت عل أخذ سيارة أجرة ولكنه لم يوافق. صافحته أمام المدخل وشكرته وهي لا تجد الكلمات المناسبة ولكن عينيها باحت بعميق عرفانها. وجدته يتصل مرة أخرى قبل اقلاع الطائرة ليتمنى لها رحلة سعيدة. عادت الى بلدها وهي ممزقة ما بين شعورها بالراحة واحساسها بالذنب وتفكيرها بأنها خيبت أمل أسرتها. كانت تدعو الله كل ليلة ليغفر لها زلتها ودموعها تشهد على صدق توبتها. لم يمر اسبوعا بعد ذلك والا بايهاب يتصل بها ليطمئن عليها، أحست بسعادة وهي تسمع صوته والذي أكد لها أن الدنيا ما زالت بخير. تكررت المكالمات بينهما بعدها الى شبه يومية. والآن وبالرغم من مرور عشر سنوات على زواجهما لم يذكر أمامها قط تلك الحادثة أبدا وكأنها لم تكن، فكيف لا تكون له بعد ذلك الحبيبة والعاشقة الوفية الى الأبد.
0 التعليقات:
إرسال تعليق