الأربعاء، 26 مارس 2014

غدا سيحتضر الوجود ----- بقلم علاء دهس

جانفي29

شعر / علاء دَهيس
**********************
غَدَاً سَيحْتَضرُ الْوجُود
بَعضُ الَّذين رحلوا خلفَ الضَباب
قَد إستَراحُوا
من العَناء
لَكنِّي
لازلتُ أخشىَ
إن سلَّمتُ نَفسي للمَوتِ
أنْ لا أستَريح
فالقَبرُ ليسَ مُرتباً بما يَكْفِي
لإستَضافة الْحالمين
والدُّخانُ الأزرقُ
لطَّخَ كُلَ سُطور الكتاب
ولأني رُغمَ ضياعي وأوجاعي
لازلتُ أشتمُ خلفَ السُلَّم الخَلفي
عطراً
كان لإمرأةٍ ضريرةٍ قبَّلتها يوماً
ولا زلتُ أحلمُ أنْ تَعودْ
غداً سيحتضرُ الوجُود
ولَم يَعُدْ في العُمرِ مُتسعٌ للتَسَكُعِ فوقَ الرَصيف
فَلقد زَحفَ الخَريف
وإستبدَّ الزمانُ بنا كثيراً
وإستحالَت وسَامتي شبَحاً مُخيف
ولَم يَعُد في الروحِ ألَقاً بما يَكفيلكي تَصيدَ الرؤى عندَ المَنام
فلَقدْ ماتَ الكلام
وانقضى عهدُ السلام
وهيأتُ نَفسي للرحيلِ وَحدي في الظَلام
فعَلامَ التعلُّقُ بالوجُود
وأنا رُغمَ قلة حيلتي
لا زلتُ أشتَهي تلك النُهود
التي كانَتْ تُطلُّ شَغَفاً من الشُباكِ
على كُل الذُكور المُعطلة فوقَ الرصيف
وعَلامَ البَقاء
والبحرُ لَم يعُد أولى ببوح العاشقين عند اللقاء
والليلُ أسقطَ نفسهُ من حسابات الحَالمينَ
لإنهُ حرضَ القَمرَ
أن يَتأخرَ
وأن يجيئَ حَزيناً كُلَ مَساء
وها أنذا
بلا خجَلٍ أنذُرُ النُذورَ
أُعفرُ وَجهي بالتُراب
أتمَرَّغُ في وَحلِ الطينِ
أستَمطرُ سُحُبَ القَوافي
أترجّى الوحيَ الغائبَ حتى يَعُود
أسكُبُ ذاكرتي للشيطان
أتسولُ منهُ الكلمات
فأنا أولُ الهائمينَ الذينَ صَعدوا سُلَّمَ الأحلام
وأنا آخرُ الشُعراء
الَّذينَ سقَطوا على مضضٍ
في بَراثين الضياع
فمن ذا سَيستهلُ عليَّ البُكاءَ
بعدَ رَحيلي
وليسَ لي غيرُ فراشةٍ كانت تُخففُ عني
كُلما أتعَبني المسيرُإلى هُنا
وإلى هُناك
ومن ذا سَيهبُّ بعدَ رحيلي بكَفَيهِ
يروي ظَمأَ شَيطاني المُفضَّل
كان يَهبطُ بغتةً على كَتفي بالكلمات
ثُمَ يطيرُ مُودَّعاً
غداً سآراك
إبكي عليَّ الآنَ يا شجرَ الآراك
فكَمْ كُنتُ آوي تحتَ ظلِّكَ أستَريح
إبكي على الوَلدِ الجَريح
إبكي على عاشقٍ خلَّفَهُ الهوى
بالرمشِ مَقتولاً طَريح
فمَن لي بِحسناءَ تَضُمُني بينَ ذراعيها
حتى أموتَ مُرفَّهاً
وتَبني لي بَينَ نَهدَيها ضَريحْ.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.

مواضيع في المعلوميات